الأربعاء، 24 فبراير 2016

الخرطوم وجوبا .. ( التقارب يبتعد )




علاقة الخرطوم وجوبا التي باتت كاورات الصبار يستعصي قضمها ، قبل وقت ليس ببعيد اقترحت الاخيرة عودة الوحدة بين الدولتين ، وقبل ان يتدلي حاجب الدهشة لاعتبار سوء العلاقة في وقت سابق ، قررت الخرطوم فتح الحدود بين الدولتين ماعده البعض قرارا يمهد لانفتاح جديد وعهد مختلف بدا بين الدولتين ، قابلته جوبا بسحب جيشها على الحدود 8 كيلو متر ، واستمر الوضع دون ان يدوم كثيرا فجاءت الاتهامات تطل براسها من جديد .
اضطراب العلاقة بين السودانيين بات ملمحا اساسيا منذ انفصال الجنوب 2011م ، ولايزال بين الحين والاخر تتوتر العلاقة حتى يخشى الجميع وقوع الاطراف في اتون الحرب لكن فجاة تهدا الاحوال دونما مبررات ايضا سوى تعليق يقول اننا شعب واحد فرقت بينهم السياسية ولا شئ اخر .
الخبر المنشور بعدد من الصحف امس الاول يقول ان حركة تحرير السودان اصدرت بيانا امتدحت فيه ما اسمته تعاون وتفهم السلطات بجنوب السودان لمصادقتها على الندوة رغما عن التقارب الذي حدث مؤخرا بينها والخرطوم ، فحركة عبدالواحد ارادت ان تمد لسانها في وجه الخرطوم وتقول ان العلاقة بينها وجوبا فوق الخرطوم التي قدمت واستبقت شيئا لاجل اقامة علاقة طيبة بين السودانيين ، وان حركة تحرير السودان كانما تقول ان جوبا معنا ضد الخرطوم الامر الذي يبعث القلق من جديد بشان علاقة البلدين .
لكن مساعد الرئيس المهندس ابراهيم محمود نائب رئيس المؤتمر الوطني الحاكم قال ان جوبا التزمت بطرد المتمردين من اراضيها ، واضاف محمود في تصريح للزميلة السوداني ان هناك التزاما محددا بطرد هذه الحركات ، وهذا ايضا جزء من الاتفاق الذي وقعوه مع مشار بطرد الحركات ، وهو الامر الذي عضده د.برنابا بنجامين وزير خارجية جوبا في زيارته الاخيرة للخرطوم وعقب لقاءات عديدة مع المسئولين قال بنجامين ان جوبا لا تأوي او تسمح بوجود أي متمردين على الشمال لا يزالون على اراضيها .
تاكيدات مسئولي دولة الجنوب بعدم وجود الحركات المناوئة على اراضيها تكذبه بعض الاخبار من وقت لاخر ما يدفع للنظر بجدية عن امكانية صمود الاتفاق الذي اكدته الدولتين في ظل وجود جهات تعمل على افشال التقارب الذي حدث مؤخرا بين البلدين والعودة بالعلاقات الثنائية مرة اخري الي مشارف التوتر والصدام .
قيادي نافذ بحكومة الجنوب فضل حجب اسمه قال لـ الراي العام امس الاول انه ليس من الممكن ان يكون الخبر القائل بان حركات دارفور وقطاع الشمال اقامت ندوة في العاصمة جوبا ، صحيحا لجهة ان روح العلاقة بين الخرطوم وجوبا في الوقت الحالي لا يسمح بذلك او شئ قريب من هذا حتى لكن رجح ان تكون بعض الدوائر تريد لعلاقة الدولتين ان تمضي في طرق غير التي بدات تسلكها لاجل علاقات جيدة .
بيد انه لم يتسن لـ الراي العام التواصل مع قيادات سفارة الخرطوم بجوبا للتاكد من خبر زيارة عرمان الي جوبا وطلبه التزويد بالذخائر والاسلحة من رفاق الامس .
وكان الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت اكد انه لا مفر من العلاقة الحميمة مع دولة السودان ، وقلل من تاثير الاتهامات وتبادل الدعم والايواء للحركات المتمردة بين الخرطوم وجوبا على علاقات البلدين ، وقال انها مرحلية وسيتم تجاوزها بسهولة .
تبادل الاتهامات بعد خمس سنوات من الانفصال يعرض جدار علاقة البلدين الي خدوش من وقت لاخر ما يجعل القلق يساور الطرفين طوال مرحلة الصمت التي يتوقع في الغالب ان يكسرها الاتهام من جديد ليستمر تقلب العلاقة دونما ثبات يقلل من حالة الالتهاب المزمنة تلك .
جوبا احتفظت بحلفاء ضد الخرطوم لوقت طويل ، قالت انها طردت كل الحركات المتمردة على الخرطوم من اراضيها ، كما تنفي الخرطوم على نحو متكرر انه لا احد على اراضيها يرمي جوبا يقذائف اللهب ، لكن برغم النفي الرسمي من قيادة الدولتين تاتي بعض الممارسات بين الحين والاخر لتعكر صفو علاقة البلدين وتجعلها متوترة من جديد كحالة اصبحت لا محورية ولا تقوم على مبررات واقعية في غالب الاحيان .
وانتقد مراقبون وقادة جنوبيون ما اسموه خرق جوبا لاتفاقية السلام مع رياك مشار وتعهداتها للخرطوم والقاضية بطرد المتمردين السودانيين خارج الجنوب ووقف كافة اشكال دعمهم ، اشاروا الي ان حكومة الجنوب ترتكب بذلك جريمة في حق مواطنيها الذين نزحوا الي السودان واستقبلوا بكامل الترحيب والاجراءات الميسرة .
وقال سايمون جاك احد قيادات الحركة الشعبية المعارضة للرئيس سلفاكير في تصريحات صحفية ، ان جوبا لم تتوقف ابدا عن استضافة وتشوين ودعم المتمردين وخاصة منسوبي قطاع الشمال الذين لايزالون ضمن قوة الجيش الشعبي ويستلمون مرتباتهم وياخذون اذوناتهم واوامر تحركاتهم من جوبا ، واكد ان زيارة عرمان لجوبا لاتزال مستمرة ، واستنكر جاك عودة حكومة جنوب السودان لممارسة ذات الاكاذيب القديمة على حد تعبيره .
بينما عبر وزير الخارجية الجنوبي برنابا مريال بنجامين اكثر من مرة عن سخرية من اثارة هذا النوع من الاتهامات ، واشار الي انهم ينظرون الي وجود بعض القيادات المتمردة على الحكومة في جوبا ومتواجدة بالخرطوم في اطار سعي الخرطوم لالحاقهم بقطار الحل السلمي بالجنوب ، في اشارة الي ضرورة تغليب حسن الظن من الجانب السوداني والنظرة للوجود المحتمل لبعض قيادات المتمردين على الخرطوم في جوبا من تلك الزاوية .
ولكن في حال كانت خطوة جوبا بالسماح للحركات باقامة نشاط سياسي على اراضيها من شانه التاثير على علاقات البلدين لجهة ان الخطوة تعد خرقا للتفاهمات والتقارب الاخير بين الخرطوم وجوبا والتي تتطلب الكف عن دعم وايواء أي من البلدين عناصر متمردة علي الحكومتين ، كما ينسحب ذلك على التاثير بشان الاتفاقيات والتفاهمات المتعلقة بالنفط التي ابرمت في جوبا مؤخرا ونصت على حصول محطة كهرباء ام دباكر بالنيل الابيض على الكميات المطلوبة للتشغيل من النفط بجانب مد مصفاة الجيلي بكميات مماثلة من النفط مقابل التفاهم القاضي بتخفيض تكلفة عبور نفط الجنوب عبر انابيب الشمال .
لكن المهم في ان المعادلة السياسية التي يصعب تحقيقها هو اقامة علاقة تعاون مثمر وبناء بين الخرطوم وجوبا في ظل حرص أي طرف على دعم وايواء المتمردين على الطرف الاخر .
هذا ما اثبتته التجربة خلال السنوات التي اعقبت الانفصال ، وربما بنسف التقارب الاخير بين البلدين في حال لم يحسم هذا الامر بصورة نهائية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتفاقية لتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور

وقّعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليوم بمقرها بالخرطوم اتفاقية تعاون مع برنامج الغذاء العالمي WFP التابع لمنظمة الأمم المتحدة لتعز...