الاثنين، 5 سبتمبر 2016

البحـر الأحمـر.. القصـة الكاملة للمياه وفرحة سلالاب




حينما بدأ الوالي السابق للبحر الأحمر محمد طاهر ايلا رحلة التنمية، وقف البعض وظل يصرخ باعلى صوته (تنمية البشر قبل الحجر)، ولكن صراخ تلك الفئة لم يفعل شيئاً لماخطط له ايلا، فتحولت مدينة بورتسودان الى شوارع مسفلتة واهلها يبحثون عن قطرات الماء ولا يجدونه الا بعد ان تدفع من حر مالك لتشتري ماءً صافياً يسر الناظرين، اما الطبقة الكادحة في الارض القاحلة من تلك الولاية فلاعزا لهم سواء الصبر، ومع بداية حقبة الوالي الحالي اللواء على احمد حامد نجح الرجل في قراءة واقع الولاية جيداً، وادرك ان عصب الحياة (الماء) هو المراد لاهلها، خاصة ان مشكلة المياه ظلت تقف عقبة عند استقطاب الكثير من المستثمرين الذين يجذبهم البحر المالح وساحله الرائع، وعلى الرغم ان مشروع ايصال المياه من النيل ظل حلماً يراود جميع اهل الولاية، إلا ان حامد لم يركن لهذا المشروع المكلف جداً، وعمل على الاستفادة من المتاح من مياه اربعات وغيرها من محطات تحلية المياه لتوفير هذه الخدمة المهمة. فمدينة بورتسودان التي خططت لأن تسع (165) ألف بيت، والمبنية فيها الآن عددها (105) آلاف وحدة سكنية، لا تصل فيها خدمة المياه إلا لتسعة وثلاثين الف منزل ــــ حسب أرقام هيئة المياه بالمدينة ـــــ هذه المنازل هي التي يمكنها أن تحصل على مياه الشرب، وهو رقم حديث تم الوصول إليه بعدهدر المياه قال لي مدير المشروعات بهيئة مياه بورتسودان المهندس العالم أحمد العالم إن مياه اربعات وحدها قد تكفي جزءاً كبيراً جداً من المدينة الباحثة عن المياه لولا اهدار المياه الذي كان يحدث في الشبكة في وقت سابق، وبدا العالم مرتاحاً نفسياً رغم الأعباء الكبيرة التى يقوم بها والجهد المبذول يومياً في المشوار من المدينة الى خزان اربعات من اجل معالجة ذاك الهدر الذي كان يتم في الشبكة، وقال ان التعديلات التي تمت على اربعات والشبكة من شأنها أن تقلل من الهدر الذي كان يتم عبر الخط الرئيس الذي يغذي المدينة بالمياه، حيث كانت الشبكة القديمة تهدر (25) ألف متر مكعب من المياه كان يجب أن تصل إلى الشبكة ليتم توزيعها حيث تصل فقط (10) آلاف متر مكعب، ولكن بعد تركيب الشبكة الجديدة وتدشينها فإن هذا الأمر يمكن القضاء عليه. حاجة المواطن والعجز تقدر هيئة المياه حاجة مدينة بورتسودان من المياه بستين الف متر مكعب يومياً، وتعترف بالعجز في توفير هذه الكمية يومياً. فالى جانب الهدر الذي كان في اربعات وتم حله وتجديد الشبكة، نجد ان خزانات المياه الموجودة في المدينة لم تجر نظافتها منذ ان تم انشائها في عهد الانجليز، مما جعل هيئة المياه تصطحبها في هذا العمل لاخراج كميات كبيرة من الطمي كان بداخلها، حيث يوجد عدد من الخزانات في وسط المدينة كل واحد منها مخصص لحي، وسعة الخزان عشرون متراً مكعباً، وقال لنا العالم ان تكلفة نظافة الخزانات الستة هذه تصل الى مليوني جنيه مع وضع عوازل وفلترة، ويعود ليؤكد ان الخيار الافضل لحل المشكلة جذرياً يبقي اما ايصال المياه من النيل او خزان ستيت، مع تفضيل الايصال من ستيت رغم بعد المسافة، وكشف مسؤول المشروعات عن صيانة شبكات قديمة وعن توصيل شبكات جديدة في بعض الأحياء الجنوبية من المدينة من الخور. حل المشكلة يرى عدد من خبراء المياه ان حل مشكلة مياه بورتسودان يتم بالعديد من الأوجه يأتي اولها في انعدام او تقليل هدر المياه باربعات والشبكة، وهذا بدأت فيه حكومة الولاية، وتبقى ان تسعى لإنجاز سد السلوم وسد شنقر وسد قوب، واتفق العالم مع هذه النظرة، وقال إنهم بالفعل يعملون في هذه السدود بجهد كبير الى جانب صيانة محطات التحلية الداخلية في بورتسودان بتكلفة (102) مليار جنيه هي القيمة الموضوعة من أجل معالجة أزمة المياه في البحر الأحمر، ومع السعي الدؤوب لإنجاز ذلك على أرض الواقع، كل هذه الأعمال تستهدف وبشكل أساسي جعل مشكلة المياه في المنطقة مشكلة من التاريخ، وتوفير احتياجات المواطنين من مياه الشرب باعتباره واجب الحكومة تجاه شعبها. سلالاب وفرحة المياه عدد من مواطني بورتسودان بدأت عليهم علامات الارتياح من تدفق المياه في المواسير التى غابت عنهم لفترات طويلة، وقال عدد من مواطني حي الثورة إنهم كانوا يعانون كثيراً خلال السنوات الماضية من انعدام المياه، اما الآن فإن الوضع افضل كثيراً من السابق، وبدأت السعادة واضحة لدى مواطني حي سلالاب الذي لم تصله المياه منذ عام 1976م، وبدأت خطوة وصول المياه الى ذاك الحي وكأنها حلم بعيد المنال، فيما تبدو الرؤية واضحة جداً في هيئة المياه حيث تكشف الأرقام عن زيادة في حجم العائدات من أربعمائة ألف جنيه إلى مليار وأربعمائة جنيه، وهو ما يعني أن الناس بدأوا يدفعون قيمة المياه ولا أحد يمكنه أن يدفع أموالاً دون الحصول على مقابل، وزيادة حجم الإيرادات يعتبرها أهل الهيئة مؤشراً إيجابياً في استقرار الإمداد.. لكن في المقابل فإن عربات المياه (الكارو) مازلت تعبر شوارع المدينة مترافقة مع العربات الأوتوماتيكية التي تم تكييفها مع الظروف التي تمر بها المدينة. الأولوية والمشكلة وصرت مندهشاً كثيراً بفرحة المواطنين لوجود المياه على الرغم ان العمل لم يكتمل بعد في الحل النهائي، وعلى الرغم من ان الحلول التى نفذتها هيئة المياه كان بالامكان تنفيذها في سنوات خلت، خاصة ان ذات المدير هو الذي كان في عهد الوالي السابق، إلا ان المهندس العالم اجاب عن هذا السر بقوله ان اللواء على حامد وضع المياه في مرتبة الاهتمام الأولى، وعلى غير ما هو متاح لهم فقد امتلكت الهيئة آلياتها الخاصة وتجاوزت تأجير الآليات كما كان يحدث في السابق، بل إن موظفي ومسؤولي المياه أصبحت لهم الأولوية في مقابلة الوالي على حساب الآخرين، فهذا الاهتمام هو الذي جعل العمل يمضي بخطى متسارعة ويتجاوز مركزية بورتسودان إلى بقية محليات الولاية الأخرى، رغم أن كثيراً من هذه الحلول حلول إسعافية. المياه والصحة في هيا في محلية هيا بدا المواطنون اكثر ارتياحاً ليس في توفير خدمة المياه فقط وانما حتى في المرافق الصحية بالمحلية، ففي إحدى محطات المياه في هيا سألت أحد السقائين عن سعر برميل المياه، فقال لي ان عربة الكارو بها برميلان يباعان بسبعة جنيهات اي بواقع ثلاثة جنيهات ونصف الجنيه للبرميل الواحد، وفي كل الأحوال فإن وصول المياه إلى المواسير يبدو حلماً ربما يتحقق قريباً إن سار الأمر كما هو عليه من قبل حكومة الولاية وهيئة المياه التى تعمل بجد واجتهاد من أجل توفير عصب الحياة، وفي الطريق من محطة المياه بقلب الهيئة مررنا بمستشفى هيا الذي يبدو في هيئته جميلاً ورائعاً، وبداخله سألنا المدير الاداري للمستشفى عن أكبر المشكلات والعقبات التى تواجههم، فقال لنا التوم بخيت ان التردد الشهري على المستشفى يصل الى ثلاثمائة مريض، وبها ثمانون من الأسرة والمستخدم منها اربعين سريراً، والحالة العامة للمستشفى تبدو جيدة، والاطباء الذين التقينا بهم جميعهم ابدوا بعض الارتياح للعمل في المستشفى، بيد ان احدهم وهو مصري الجنسية ومتخصص في امراض الباطنية قال لنا انهم يعانون من نقص بعض اجهزة الفحص المعملي مما يجعلهم يعتمدون على الكشف السريري فقط في الوصول الى بعض الامراض، الى جانب عدم وجود جهاز للأشعة. وقال لنا احد الاطباء انه لا توجد امراض خطيرة في المحلية، فالدرن قد تمر حالة له كل أسبوعين، والملاريا قد تكون منتشرة ولكن هناك العلاج الناجع لها وقد تمر حالتان كل أسبوع.. أما بخصوص الأدوية فقد أكد لي عدد من الأطباء أن جميع الأدوية المهمة والمنقذة للحياة موجودة في المستشفى عدا أدوية أمراض القلب التى عللها البعض بأن الشكوى من هذا المرض قليلة في المحلية. ودكتور محروس أحمد اشار الى ضرورة وجود وعي وثقافة صحية للمواطنين في العديد من الأمراض وخطورتها خاصة الدرن والأمراض الوبائية.
جعفر باعو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتفاقية لتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور

وقّعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليوم بمقرها بالخرطوم اتفاقية تعاون مع برنامج الغذاء العالمي WFP التابع لمنظمة الأمم المتحدة لتعز...