الثلاثاء، 29 ديسمبر 2015

بوار القطن المحوَّر!


جاء في الأخبار أن شركة السودان للأقطان فشلت، وعلى مدى الموسمين المنصرمين(2014-2015) في تسويق القطن المحوّر وراثياً، عقب إحجام الأسواق العالمية عن شرائه.. إذ ظل مكدساً في مخازن الشركة بميناء بوتسودان.
٭ نائب مدير «بنك المال المتحد».. البنك صاحب الامتياز لمحفظة زراعة القطن.. عزا بعد اجتماع مع لجنة الزراعة بالبرلمان أسباب فشل التسويق لثلاثة أسباب..أولاً: رفض الأسواق شراء القطن المحوّر، لأن هذه الأسواق عرفت السودان بإنتاج القطن (طويل التيلة).. وثانياً: لأن شركة الأقطان «لم تكن بحالة طيبة»، في إشارة لتهم الفساد والمحاكم التي تلاحق إدارتها.. وثالثاً: إحجام البنوك عن التعامل مع السودان، بما يعيق فتح الاعتمادات لتسويق القطن المحوّر حتى للدول الصديقة كمصر والصين وتركيا، كأحد إفرازات الحصار الأمريكي.. (السوداني السبت 21 ديسمبر).
٭ المتأمل في الأسباب الثلاثة التي أوردها مسؤول البنك المتحد أعلاه، لابد أن يلاحظ أنها جميعاً من صنع أيدينا.. أو هي نتائج ترتبت على مقدمات هي بعض سياسة حكومتنا وتدابيرها تجاه المسألة الزراعية وعلاقاتها الدولية.
٭ كلنا يذكر الضجيج والعواصف التي صاحبت الإقدام على استبدال القطن طويل التيلة -انتاج السودان التقليدي- بالقطن المحوّر وراثياً على عهد الوزير المتعافي، الذي انتصر على المعارضين الحادبين والذين تخوفوا من ذات المصير الذي آل إليه القطن المكدس في بورتسودان اليوم.. بالإضافة إلى المحاذير الصحية المترتبة على عمليات التحوير الوراثي على بذرة القطن والزيوت المعتصرة منها.. حتى أن المصانع المحلية رفضت وقاومت بإصرار، وضع ديباجة تميزها عن الزيوت الأخرى حتى لا ينفر الجمهور عن شرائها.
٭ وكلنا يذكر أيضاً ما حاق بشركة الأقطان من اتهامات وملاحقات قضائية، لا تزال المحاكم تنظرها، بما عطل الشركة وعملاءها من أداء دورها في مجالات الإنتاج والحليج والتسويق.. وقَعَد بمحصول القطن كما تشير الأرقام في ذات الخبر.. الذي يقول بإن إنتاج القطن المحوّر على مدى موسمين لم يتعد (426000) بالة، والذي سيصبح متوسطة بالقسمة على إثنين (213000) .. عوضاً عن ملايين القناطير التي كان ينتجها مشروع الجزيرة وحده في أوقات سابقة.
٭ أما الحصار الأمريكي ومترتباته، التي تعدى أثرها المباشر الحكومة وسياساتها ليدفع المزارع والمواطن السوداني ثمنه.. فهو على غبائه ودوافعه الشريرة المعلومة..لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها.. في استثارته أولاً وتوفر الذرائع لتمريره في دوائر صنع القرارالأمريكي.. وفي استمراره ثانياً مع استدامة النزاعات الداخلية حتى بعد انفصال الجنوب والوعد الأمريكي غير المنجز برفعه.. فالبنوك ودوائر المال لا تزال تعمل وفق توجيهات «الكبّانية» الأمريكية في نيويورك التي تتحكم في اقتصاديات العالم الخاضع بمعظمه لشرور الرأسمالية المتوحشة.
٭ مسألة القطن المحوّر.. والسياسات المغامرة التي قادت لتبنيه وزراعته، لابد من إعادة النظر فيها.. فالتحوير أو تغيير طبيعة الأشياء.. ومنها المنتجات الزراعية والحيوانية من أجل تعظيم الإنتاج.. ضرره أكثر من نفعه.. وهذا ما يمكن ملاحظته عياناً بياناً بدخول أي متجر لبيع الأغذية في الأسواق الأوروبية أو الأمريكية.. بين أسعار المواد المحورة وراثياً وتلك الطبيعية.. إذ يزيد سعر الأخيرة أضعافاً من تلك المحوّرة.. لأنهم يعلمون المخاطر المترتبة على «التحوير».. ونرجح أن هذا هو السبب الأهم في بوار قطننا على مدى عامين متتالين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتفاقية لتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور

وقّعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليوم بمقرها بالخرطوم اتفاقية تعاون مع برنامج الغذاء العالمي WFP التابع لمنظمة الأمم المتحدة لتعز...