الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

حان الوقت لإزالة العقوبات الامريكية عن السودان

العلاقة مع الخرطوم – السودان – مثل ( الكلب الذي لم ينبح ) في حكاية السير ارثر كونان دويل ، هذا اعلان صغير  يصف حال المصالح الامريكية في الخرطوم ، بعد ان حظرت واشنطن معظم الاعمال التجارية في السودان .
كما اشرت في مقال سابق تم نشره في مجلة " فوربس" الحصار اصبح الاداة المفضلة لـ "واشنطن" بعد قطع العلاقات التجارية التي نادرا ما كان يتم الترويج لنهاية امريكية لها .
لم يتم تحقيق شئ واضح في السودان فيما لا تزال الولايات المتحدة وحدها متمسكة بالعقوبات ، انه الوقت المناسب لواشنطن لرفع الحصار .
ادارة كلنتون فرضت لأول مرة القيود على السودان في العام (1993) معتبرة اياه دولة راعية للأرهاب ، ادارة "بوش" فرضت المزيد من القيود بسبب ما اسمته الصراع العرقي .
الحصار الامريكي لا لبس فيه ولكن المصالح الامريكية خاصة في الدول الاقل نموا مثل السودان مهمة ؛ في مطار الخرطوم تحدثت مع رجل اعمال مصري قال لي : ( ان الحصار امتص الحياة من الاقتصاد ) ، واشتكي مسئول في وزارة الاقتصاد السودانية قائلا : ( لقد وضع الحصار الكثير من العقبات في طريق عملية التنمية ) ، وفي بعض المناطق ارتفع معدل الفقر الي (50%) .
من المفارقات المثيرة للسخرية ، ان المسيحيين الامريكيين كانوا من بين اكثر المؤيدين للقيود الاقتصادية ، فيما يقول فيلوساوث فرج ، من كنيسة الشهيدين القبطية بالخرطوم اوضح انهم يريدون الغاء كل العقوبات .
من الواضح ان واشنطن كانت تريد تسبيب ضائقة اقتصادية للخرطوم ، ولكن لاي غرض ؟ مع بداية تسعينيات القرن الماضي ، كانت حكومة السودان تعبث مع جماعات اسلامية متشددة ، لكن هذه الممارسات انتهت مع احداث الحادي عشر من سبتمبر ، ففي نص اخر تقارير الادارة الامريكية عن العقوبات والارهاب ، ورد : خلال السنوات الاخيرة استمرت حكومة السودان في دعم عمليات مكافحة الارهاب لمواجهة التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة الامريكية
الشكوى الرئيسية لواشنطن حاليا هي العلاقات بين السودان وكل من ايران وحماس ، لكن حكومة الخرطوم اليوم اقرب ما يكون لحلفاء امريكا في الشرق الاوسط – مصر ، المملكة العربية السعودية ، وبقية دول الخليج – في ليبيا دعمت حكومة السودان القوات المدعومة من الغرب ضد الاسلاميين .
العقوبات الاقتصادية استخدمت ايضا للضغط على الحكومة بسبب مواقفها في الحرب العرقية طويلة الامد ، وتم التوصل الي اتفاق سلام في نهاية المطاف ، والذي ادي فيما بعد الى تشكيل حكومة الجنوب ، ( تتناقل الاخبار في هذه الايام اخبار الحرب الاهلية في دولة الجنوب الجديدة ) .
كما نشب تمرد منفصل في غرب السودان ، حول دارفور ، ابتداء من عام (2003) ، مما عقد الاوضاع وادي الي توجيه الاتهامات للرئيس السوداني عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية ، ولكن الصراع في دارفور هدا الان .
لازالت هنالك بعض الحروب على طول الحدود الجنوبية للسودان ، خاصة محافظات النيل الازرق وجنوب كردفان ، شاملة منطقة جبال النوبة ، ربما تكون الاوضاع نكراء ، ولكن حجم القتال اقل ما يكون على ارض الواقع ، وتكاد مثل هذه الصراعات ان تكون عادية في دول العالم الثالث .
ليس هنالك سبب واضح لمعاقبة السودان دون غيره من الدول التي تعاني من النزاعات .
لماذا تستمر العقوبات على السودان ؟ تذمر احد رجال الاعمال السودانيين قائلا : ( قلتم العقوبات لتحرير جنوب السودان ، وقد فعلنا ذلك ، ما الذي يلزمنا فعله بعد لكي تلغوا العقوبات ؟ ) .
هل هنالك اسباب اخرى للابقاء على العقوبات ؟ ربما تكون السياسة السودانية استبدادية ، ولكن لم تزعج واشنطن التي تدعم وتسلح بعض البلدان المجاورة ،والتي يمارس القمع فيها بصورة اكبر ، وصف السودان بـ الدولة التي تثير قلقا خاصا ، من قبل اللجنة الامريكة للحرية الدينية الدولية ، رغم ان مشاكل الاضطهاد موجودة بصورة اسوا في بعض حلفاء الولايات المتحدة مثل باكستان .
الدول الاخرى ، التي لاتزال تحت العقوبات ، هي كوريا الشمالية وايران وذلك بسبب الانشطة النووية .
لعل من المثير للسخرية ان العقوبات الامريكية صعبت مسالة الحوار حول الحريات الدينية والسياسية .

من اكثر الاثار الضارة للعقوبات انها شجعت حكومة الخرطوم على البحث عن صداقات اخري ، وزير الدولة يحي حسن بابكر قال :(لقد بدانا باستيراد معظم معداتنا الثقيلة من الصين ) ، صار من المعتاد مشاهدة الصينين في الخرطوم ، بل ان المطاعم والفنادق هناك تعرض الاطباق الصينية ، ففي الشارع المقابل هنالك مطعم باندا الصيني ، الخرطوم تستحق النقد المستمر ، لكن العقوبات لم تعد تخدم المصالح الامريكية ، على واشنطن ان ترفع العقوبات الاقتصادية عن السودان .
ميعاد مبارك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتفاقية لتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور

وقّعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليوم بمقرها بالخرطوم اتفاقية تعاون مع برنامج الغذاء العالمي WFP التابع لمنظمة الأمم المتحدة لتعز...