الأحد، 23 أكتوبر 2016

رفع الحظر الأمريكي ..بعيون الخبراء الاقتصاديين

عانى السودان كثيرا إثر فرض العقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية, والتي انعكست بشكل واضح وكبير على المواطن السوداني ناهيك عن قطاعات الانتاج المختلفة. ومن ثم بدأت الجولات الماكوكية ما بين الخرطوم وواشنطن بشكل كبير وعميق لتتويج المساعي بالتخفيف من هذه العقوبات ولو قليلا عن كاهل السودان ومواطنيه، فكانت البشريات الأولية برفع الحظر عن التحويلات النقدية الشخصية وإبقاء الحكومية كما هي رغما عن أنها تمثل الركيزة الأساسية للاقتصاد السوداني المتمثل في شقي الصادر والوارد والقطاعات الانتاجية المختلفة.. عشرون عاماً والسودان يرزح تحت ضغط الحظر الأمريكي بلا كلل أو ملل رغما عما يمر به الاقتصاد المحلي من أزمات وصراعات كانت لها آثار سالبة في استقراره، مع عدم وجود سياسات حاسمة ومُلتزم بتطبيقها من قبل الجهات المعنية ، ويأتي حديث وزير المالية باقتراب رفع الحظر الامريكي عن السودان خلال شهر ديسمبر بشارة طيبة ليتنفس قليلا من أنفاسه التي طال كتمانها ؛ إلا ان هذه الخطوة تعترض طريقها وبكل تأكيد الكثير من العقبات الداخلية والخارجية في ظل الأزمة التي يعاني منها السودان وتقلب السياسات الاقتصادية العالمية والداخلية والتي أتت نتيجة لسياسات لم تجد طريقها نحو التنفيذ الصحيح ، (الإنتباهة ) أجرت استطلاعًا حول هذا الشأن فكانت الحصيلة كالآتي: عقبات داخلية بينما قطع أستاذ الاقتصاد عثمان سوار الذهب ان الانفراج المتوقع برفع الحظر الاقتصادي الأمريكي على السودان لن يحل الأزمة الاقتصادية السودانية تماما، وان الرفع سيصب في جانب حلول العقد الخارجية فقط خاصة وانها سترفع جزءاً من العقوبات المتعلقة بالجانب الانساني ولكنها لم ترفع عن التحويلات التجارية والتي هي ذات اهمية كبرى لتثبيت ركائز الاقتصاد السوداني. واستدرك سوار الذهب حديثه بالقول ان هناك عقبات داخلية تتطلب حلولا جذرية والالتزام بالسياسات الموضوعة لها حتى تستقر الموازنة العامة وميزان المدفوعات والعجز الذي فيه , وأصبح من سماته الواضحة ، مشيرا الى انها بحاجة الى قرارات حاسمة من القائمين على امر الاقتصاد السوداني والسعي لتحسينه. وعلق قائلا: التفاؤل برفع الحظر ليس بالشكل المطلوب خاصة وان الحظر تسبب في ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه السوداني الذي انهار تماما وانتعش بعد الحظر الجزئي الذي طُرح مسبقا ، ويستدعي الأمر ان تكون هناك سياسات حسابية مواكبة لما سيحدث في الشهور القادمة في شكل العلاقة مع دول الجوار. استثناءات محددة ووصف أستاذ العلوم الاقتصادية بروف عصام الدين بوب الحديث عن رفع الحظر عن السودان (بالكلام الفارغ) ، وأوضح ان امريكا دولة مؤسسات وقد تم فرض قانون معاقبة السودان بمشروع تمت اجازته من مجلس الشيوخ الأمريكي ووافق وثناه مجلس النواب الأمريكي "الكونغرس" ، ولذلك هذا القانون فيه استثناءات محددة منها العون الانساني ويجوز ان يتم إرسال هذه المساعدات الى الدول التي تم حظرها ، ولكن لا يُرفع القانون ولا الحظر إلا بقانون موازٍ وهو لم يقترحه أحد في اللوبيات الأمريكية. وان تم اقتراحه فانه يأخذ سنوات للخطوات الطويلة التي يمر بها ؛ فلا بد ان يمر عبر ذات الجهات التي أجازته مسبقا. وأضاف بوب ان الحديث عن رفع الحظر الأمريكي دون هذه الخطوات غير ممكن وليس للرئيس الأمريكي القدرة على رفعه لانه اُجيز عن طريق المجالس النيايبة الأمريكية ، ولذلك عند سماع مثل هذه الأخبار ادرك اننا لم نصل بعد للوعي السياسي والمعرفة بالإجراءات الديمقراطية واهمها أمريكا ، ويتطلب ذلك الحذر الشديد في طرح مثل هذه الأخبار. إرهاصات مبكرة فيما أكد المحلل الاقتصادي د.الفاتح عثمان محجوب, ان رفع الحظر فيه انفراج للقطاعات الحيوية كالنقل والطيران والسكة الحديد والتي تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد الكلي، فالنقل يساعد في تحسين الإنتاج وتقليل التكلفة الواردة , وكذلك معدات الطيران. إلا انه عبّر عن خوفه ان تتوقف عند هذه الحدود ، ووفقاً للمالية وبنك السودان فان البشريات تتعلق بالنقل والطيران ولكن لم تتضح بشكل دقيق الوعود التي طرحها الجانب الأمريكي. وقال عثمان ان الإرهاصات مبكرة بالقطع بان هذه العقوبات سيتم إلغاؤها ومدى تأثيرها على الاقتصاد السوداني ، فالأهم الآن هو انهاء العقوبات المصرفية التي تحول دون تدفق الأموال بشكل سليم من والى السودان, ولم يحدث فيها تحسن بل طرأ على التحويلات الشخصية وأوقفت التحويلات الحكومية التي تعيق من حركة الاستيراد والتصدير. وجزم محجوب في ختام حديثه ان اي جزء من العقوبات يتم رفع الحظر عنه سيؤثر على الاقتصاد السوداني والذي فيه اشكالات عميقة متعلقة بسياسات الحكومة وتعاملها مع القطاعات الإنتاجية والصادر والتي تحتاج الى تغيير بشكل جوهري حتى يتم الاستفادة من رفع الحظر الأمريكي على السودان. افتقاد الإستراتيجية الاقتصادية وفي سياق مشابه, ابتدر استاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين د.محمد الناير حديثه بانه تم النداء منذ مطلع العام الحالي حين تجديد رفع العقوبات عن السودان بنهاية العام الحالي ستكون هناك نظرة متغيرة من الادارة الأمريكية لهذا الملف ، ففي السابق كان يتم تجديد الأمر بصورة تلقائية دون وضع اي اعتبارات اخرى، ولكن في هذا العام كانت هناك مرونة بدأت بالسماح بالتحويلات الشخصية والجوانب الإنسانية , وكان هناك حديث عن رفع الحظر من المعدات الزراعية والخدمات التعليمية والاتصالات ، وهذه استثناءات كان من المفترض الاستفادة منها . ومن الاستثناء الذي مُنح لبنك الخرطوم .ولكن من المتوقع (والحديث للناير) كما ذكر عن الأجهزة الطبية واسبيرات القطارات والطائرات والذي اعتقد انه وصل الى اكثر من 60% من الاستثناءات الموجودة والتي من المفترض ان تستثمرها الحكومة السودانية التي نعيب عليها ان هذه الاستثناءات تُعلن ولا يتم الاستفادة منها بالكامل ، ومن المفترض ان يبادر القطاع الخاص السوداني مع كل استثناء بالذهاب لأمريكا والاتفاق مع الشركات النظيرة له حتى يحدث تبادل تجاري واضح. ووجه الناير بضرورة إيجاد استراتيجية واضحة المعالم للاستفادة القصوى من هذه المنح التدريجية التي تأتي من قبل الإدارة الأمريكية واستثمارها بشكل كامل يعني تدفق المزيد منها ، فعندما يحدث التعاون بين الاقتصاد الأمريكي والسوداني فهذا يعني ان الأول سيضغط أكثر للحصول على استثناءات أكبر في هذا المجال. تقليل الفساد وأفاد المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي انه اذا تم رفع الحظر ستكون له آثار ايجابية على الاقتصاد السوداني فيما يتعلق بتوفر النقد الأجنبي وقطاعي الصحة والتعليم بالبلاد , اضافة لعودة الروح للنقل ممثلاً في قطاع السكة الحديد والنقل البري والجوي والبحري. مؤكدا ان السودان ستكون له فرصة الحصول على القروض والمنح القادمة من الصناديق المانحة والبالغ عددها 16 صندوقاً ومنظمة والتي حالت العقوبات دون وصولها رغم انها حق من حقوقه ، كما ان هناك اتجاهاً لبنوك عربية استثمارية لان تعمل في السودان. وأبان فتحي ان المتضرر الأكبر من الحظر الأمريكي هم المواطنون السودانيون داخل وخارج السودان سواء كان هذا الضرر من النواحي الاقتصادية أو الصحية أو التعليمية أو العمل وحرية التنقل أو حتى حرية تحويل الأموال بين الدول ، ويتفق الكل أن العقوبات الأمريكية المستمرة قرابة العشرين عاما منذ العام ١٩٩٧م قد أثرت على الشعب السوداني فقط وليس على الحكومة . رفع العقوبات الأمريكية ستسهم من التحرك والتكامل مع مؤسسات التمويل الدولية وحشد التمويل من المانحين لبرامج البلاد الانمائية والاستفادة من مبادرة إعفاء الدول المثقلة بالديون "الهيبك" التي أدرجت 36 دولة ضمنها السودان الذي لم يستفد بجانب دولتين أخريين من إعفاء الديون.. كما ان بنك السودان هو أكثر المستفيدين من رفع العقوبات الأمريكية على السودان نسبة لقلة عائداته من الدولار, مما أدى الى خسائر كبيرة عندما غير التعامل من الدولار الى اليورو وما ترتب عليه من منع التمويل الذي أدى إلى إضاعة فرص تمويل كبيرة مع أسواق مالية, وفقد بعض الشركات لأسهمها، كما أن رفع الحظر عن التعاملات المصرفية سوف يقلل الفساد في مجال المشتريات, لأن الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة تضطر للتعامل عبر وسطاء لاستجلاب التقانات أو قطع الغيار الأمريكية
رباب علي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتفاقية لتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور

وقّعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليوم بمقرها بالخرطوم اتفاقية تعاون مع برنامج الغذاء العالمي WFP التابع لمنظمة الأمم المتحدة لتعز...