الأحد، 23 أكتوبر 2016

المعونة وواقع وسياسة الحصار الأمريكي..

لقد ظلت الشعوب بمنطقتنا تنتظر تغييراً في السياسة الأمريكية وتنتظر أفعالاً على الارض، لا أقوال وتطمينات بعكس أفاعليها بابتزاز ومحاصرة الدول اقتصادياً ووصمها بالارهاب واستخدام الأسلحة الكيميائية وتحريض المؤسسات الدولية تجاهها . فماذا سيفيدنا أن يقول الرئيس أو الادارة الامريكية خطاباً ودياً تجاهنا، وهو في نفس الوقت يحرض المؤسسات الدولية من عفو دولية وجنائية وغيرها، وفي جانب آخر يعطي لإسرائيل ما يعطي من قوة ومن (رباط للخيل) ومن قرارات داعمة لمجلس الأمن و(فيتو) ويعطيها ماتحتاج من الدعم المالي والاقتصادي . فما عادت شعوبنا تقبل هذه الأساليب وهذه الخدع. لماذا لأن طبيعة الإنسان وفطرته تنجذب لمن ينفعها وتنفرُ وتبغض من يعاديها كما ورد في الحديث عن رسول الله (ص) أنه قال (جبلت القلوب على من أحسن إليها وبغض من أساء إليها ). وينسحب الامر كذلك على صعيد الافراد والمجتمعات والامم؟ وهنا يحق لنا أن نسأل عن المعونة الأمريكية هل هي تيرير لحصارها الاقتصادي ام هي رأفة بمن تحاصر وتأكيد لواقع الحصار الاقتصادي في السياسة الامريكية ؛ إلى جانب ذلك كله هل نجد أن سياسة الحرمان التي تنتهجها امريكا مع الدول التي تحلم وتريد ان تنهض  لغد افضل يمكننا أن نقول إنها سياسة استغفال واستغباء بدليل الإصرار على هذه السياسة التي لا تكن ولا تحمل شيئاً من الاحترام للشعوب والأمم. ولربط مقالنا بموضوعات البحث حول واقع الإدارات الامريكية المتعاقبة بدءاً بالخطاب الامريكي وواقع السياسة الامريكية نجده رغم بعض التغيير للظاهر، لكن يبقى الواقع والحقيقة والجوهر كما هو؛ ففي الآونة قبل الأخيرة انطلقت بعض الأصوات في الساحة الأميركية من بعض المفكرين والساسة لتطرح تساؤلاً عريضاً بعد أن رأت موجة العداء الصاخبة في العالم الإسلامي ضد الإدارة الأميركية، والسؤال هو: لماذا العرب والمسلمون يكرهون أميركا؟ وقد عيّنت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق ممثلاً خاصاً من أجل تحسين سمعة أميركا في العالم العربي والإسلامي، لأنهم رأوا أن هناك عداءً ونفوراً كبيراً في أوساط العرب والمسلمين تجاه أميركا. وحينما جاء الرئيس الأميركي أوباما ألقى خطاباً في القاهرة للتصالح مع العالم العربي والإسلامي. وبالفعل كانت في خطابه نقاط إيجابية وهو يعكس نوعاً ما لغة جديدة تختلف عن لغة الغطرسة السابقة، إلا أنه في خطابه ركّز على وجود الإرهاب والعنف، وهذه مغالطة واضحة، فنحن نُدين الإرهاب والعنف ولا نقبله، والسؤال الذي نطرحه: كيف ومتى انطلق هذا العنف؟ فالبعض يعتبره ردّ فعل لسياسات العداء التي اعتمدتها الإدارات الأميركية. ولسنا في مورد تبرير هذا العنف والإرهاب وإنما نحن في مورد التحليل والتفسير. عليه فالإدارة الأميركية أوصلت أوساط المسلمين إلى حالة من الإحباط، بسبب مواقفها المستمرة الداعمة للذين يحتلون أراضي المسلمين وينتهكون حرماتهم ومقدساتهم ويسفكون دماءهم كل يوم، وهذا رأيناه في أحداث غزة الأخيرة. إضافةً إلى احتلال أميركا للعراق، وما أثارته من فوضى، واحتلالها لأفغانستان، كل هذه الأمور أثارت الغضب في نفوس المسلمين، ومن الطبيعي ألا يكون هناك  ارتياح إذا لم نقل كراهة لأميركا. وهنا وخاصة ان وجودها في تلك المناطق وإزاء ما تضطرب به منطقتنا الآن من أفاعيلها هذة ... أخشى حقيقةً ...أن تكون أمريكا وهي في سعيها لاحتواء وإخماد هذه المقاومات  في لبنان وفلسطين وغيرها، أن تخرج وتنشأ لها مقاومات أخرى في الجزيرة العربية، إلا إذا كبحت جماح أطماعها في هذه الأموال الإسلامية والعربية التي استُمنت عليها . والآن وبعد هذه التحولات الكبرى في المنطقة ولغة الخطاب التي تحمل من نبرات الملاطفة والتصالح هل يكفي ؟! هنا لا بد أن نثير نقاطاً: الأولى: هذه اللغة الجديدة ما كانت لتصدر عن الإدارة الأميركية لولا وجود المقاومة والممانعة في أوساط الأمة، فهي التي جعلت الإدارة الأميركية تعيد النظر في مواقفها. إن بقاء أو ذهاب هذا الرئيس وخطابه إنما هو تعبير عن توجه وشعور داخل أميركا، وفي مؤسساتها السياسية والفكرية، بضـرورة إعادة النظر في مواقف أميركا تجاه قضايا العرب والمسلمين، وهذا لم يحصل إلا بوجود المقاومة والممانعة.. وإلا لو كانت الأرض منبسطة أمامهم ولو لم تتحرك الشعوب ضدهم، لما وجدوا داعياً لتغيير تلك اللغة ولإعادة النظر في تلك المواقف. الثانية: وعي الشعوب تجاوز محاولات الخديعة والتضليل، فما عادت الشعوب تخدع بخطابات فضفاضة وبكلمات وجمل برّاقة.. الشعوب تنتظر تغييراً في السياسة الأميركية وتنتظر فعلاً على الأرض، وما عادت شعوبنا تقبل مثل هذه الأساليب وهذه الخدع. إن المطلوب هو تغيير السياسات على الأرض، من احترام سيادة الدول كرفع الحصار عن السودان ووقف عمليات الابتزاز وإعادة الامن والاستقرار بدعم الحوار الإقليمي والتعايش السلمي بمنطقتنا وتغيير هذا الموقف المنحاز للاحتلال والعدوان الصهيوني على العرب والفلسطينيين . الثالثة: علينا أن نسعى لتكامل المواقف، فمن نسمي أنفسنا بقوى الاعتدال، علينا أن نعرف أننا بحاجة إلى قوى الضغط والمقاومة. الصهاينة مع كل دعم أميركا لهم يضغطون على الإدارة الأميركية، وتنطلق مظاهراتهم أمام القنصلية الأميركية في القدس ضد الإدارة الأميركية، هؤلاء الذين يجدون كل شيء من أميركا يمارسون الضغط، ونحن الذين نتلقى كل الإساءات والحصار من أميركا مطلوب منا أن نرفع الرايات البيضاء؟ ينبغي أن تتكامل المواقف، فما دامت لنا حقوق ينبغي أن يكون هناك ضغط ومقاومة. وأخطر شيء على الأمة أن ينخدع بعض العرب والمسلمين، وينجرّوا إلى الصـراع والصدام الداخلي لكي يحارب بعضنا بعضاً. فإذا كانت أميركا وإسرائيل لهما مصلحة في مواجهة البرامج النووية الإيرانية أو الروسية، فهل لنا نحن العرب مصلحة في ذلك؟ ولمصلحة من تبقى إسرائيل متفردة بالقوة النووية في المنطقة؟ وإذا كانت أميركا وإسرائيل منزعجة من مواقف المقاومة في لبنان وفلسطين، فلماذا نحن أيضاً نشعر بالانزعاج منها؟ هذا التفكير الذي ينظر إلى المسائل بعينٍ واحدة هو خطأ كبير. فلا بد أن تتكامل المواقف والأدوار، فقوى الاعتدال لن تحصل على شيء إذا لم تكن هناك مقاومة وممانعة يحفظ اعتدالها وتوازنها وبقائها، والدليل على ذلك مسيرة العقود الماضية، فقد مضت أكثر من ستين سنة ونحن نعيش في ظل الشعارات وصدور القرارات من المنظمات الدولية ولكن لم نجن شيئاً. أخـيراً وإن كان ذلك كذلك، ينبغي أن تكون ثقتنا بالله سبحانه وتعالى، وأن يكون اعتمادنا على قوانا الذاتية، وليس على رحمةٍ قد تحل في قلب هذا الرئيس أو ذاك، وإنما يجب أن نتجه إلى داخلنا ونرتب أمورنا كأمة كبيرة مترامية الأطراف تستطيع أن تنتصف لنفسها وأن تنتزع حقوقها بمختلف الأساليب والوسائل المشروعة

الخطيب عوض ماهل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتفاقية لتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور

وقّعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليوم بمقرها بالخرطوم اتفاقية تعاون مع برنامج الغذاء العالمي WFP التابع لمنظمة الأمم المتحدة لتعز...