الثلاثاء، 21 فبراير 2017

سد النهضة المخاطر والفرص



يدور لغط طويل حول مشروع إثيوبيا، وشهدت الساحة عراكاً كلامياً بين المؤيدين والرافضين للمشروع من حيث تأثيره على كميات المياة المتساطقة أتقل ام ستُنظم، وآخرون حول جيولوجية منطقة بناء السد واحتمالها لجسم السد بعد بنائه واكتمال التخزين واحتمال حدوث كارثة وسيكون المتضرر هو السودان ،
وآخرون أثاروا نقطة هي أن الأراضي التي ينفذ فيها الخزان هي أراضٍ سودانية وشرعية تجهير سكان إقليم السد وآخرون تخوفوا من الأثر البيئي وأن معدل التبخر سيكون عالياً مما يزيد احتمال تساقط الأمطار ويحدث اختلال وفيضانات وآخرون اعتبروا أن يد إسرائيل ستسفيد من قرب السد من الحدود السودانية وآخرون تخوفوا من الرد المصري الذي يغلي من السد وأن أي عمل ضده سنكون نحن الضحايا وستغرق الخرطوم بمعدل مترين.
تنوعت الآراء بين مؤيد ومعارض حتى غدا( محمد احمد السوداني ) محتار، بينما صنف آخرون أكد أن قضية السد سياسية واعتبر الآخرون أنه منفعة تعود علينا بتنظيم الفيضان والكهرباء ستسد عجز السودان في الطاقة . المهم نحتاج أن نقف على حقيقة الفرص والمهددات ونقاط الضعف والقوة وماهي المخاطر وهل السد فيه خير .تمضي خطة إثيوبيا حول المياه على قدم وساق وهي تخطط لبناء أحد عشر سد اً في الأنهار المتساقطة من الهضبة الإثيوبية وتستقطب دعماً دولياً وتدعمه من مكونها المحلي الذي يرى أن بناء السدود المذكورة وضع للقطار في سكته الصحيحة.
أقاليم غرب إثيوبيا لم تشهد تطوراً وتنمية مثلما حظيت بها أقاليم أخرى التي قطعت شوطاً كبيراً، وذلك لأن غرب إثيوبيا تشهد حالة من الغليان في إقليمي أرمو وقمز بني شنقول حيث تتمدد مجموعات مسلحة تحارب الحكومة الفيدرالية وشهدت في الأشهر الماضية تظاهراً وأحداث عنف حيث يعتبر المسلمين القوة السكانية الغالبة وتتجه الحكومة الى ضبط هذي الأقاليم حتى لا تعم الفوضى إثيوبيا التي هي قابلة للتدحرج في ربيع ساخن لذلك تسعى الى قيام مشاريع كبرى تسيطر بها على الحدود .
أما الجغرافيا، فتقول إن السد يقبع في طرف الهضبة الإثيوبية ومع الحدود السودانية بأقل من 40 كليومتراً ويقع السد في منطقة يبلغ ارتفاعها أكثر من 1000 متر بينما يقع سد الرصيرص على ارتفاع 650 متراً فوق سطح البحر والخرطوم 400 متر وعطبرة على ارتفاع 350 متراً عن سطح البحر والإسكندرية على ارتفاع صفر من مستوى سطح البحر .
أما من الناحية البشرية فالقبائل الموجودة في المنطقة هي قبائل مشتركة بين السودان وإثيوبيا من البني شنقول والقمز والكدالو والفونج وغيرها من المجموعات السكانية التي تحمل جنسيتي البلدين السودان وإثيوبيا وبينهم تصاهر وعلاقات اجتماعية متمدة وتجارة حدودية كثيفة ويتحرك السكان بحرية في الحدود .
من ناحية الجيولوجيا تعتبر منطقة السد تقع في حافة الهضبة الإثيوبية في ارتفارع شاهق ويقابلها جبال الكدالو وجبال فامكا وأقرب القرى السودانية بمبدي وياردا ويا بشر ومركزها ام درفا في محلية ود الماحي .كما أن المنطقة غير بعيدة عن محمية الدندر الاتحادية .
ولا توجد أراضٍ زراعية تستفيد من مياه السد والأراضي حول منكوش الإثيوبية والمحل وبيضاء كلها أراضٍ غابية ومرتفعات كبيرة مما يعني أن استخدام المياه للري أمر غير وارد تماماً في العمق الإثيوبي لأن النيل يشق الهضبة في وادٍ عميق ويجرف معه الغابات والطمي الذي ينحر الأراضي الإثيوبية ويشكل أزمة حقيقة للإثيوبيين ويترسب في سد الرصيرص بكميات كبيرة.
السد يوفر فرصه واحدة وهي الطاقة يمكن لإثيوبيا الاستفادة منها وهي الهدف الأساسي لبناء السد كما أن الهدف الثاني أمني ستكون منطقة السد مركز تجمع للقوات الإثيوبية لمنع مقاتلي الحركات الإثيوبية من التحرك وتهديد إقليم قمز بني شنقول وتحت ادعاء أن التهديد الأجنبي كبير على السد على اعتبار أنه مشروع إستراتيجي لإثيوبيا الناهضة حديثاً.
ماهي المخاطر بالنسبة للسودان وهو ما يهم بالنسبة لنا؟ المخاطر أعظمها اذا حدث شرخ او انهيار في جسم السد فإن حجم المياه يمكن أن يلحق أضراراً بالسودان النيلي وهذا أمر مستبعد حالياً لأن الدراسات التي أجريت عن السد تشير الى أن بيوتات خبرة عالمية أجرت دراسات عديدة حول التربة والصخور والمنطقة عموماً. صدقوني اذا نسينا المخاطر ونظرنا للفرص نجد أننا مستفيدين من السد لأنه ببساطة ينظم الفيضان للنيل ولا تستطيع إثيوبيا أن تخزن أكثر من قدرة السد كما أنه يوفر تخزين في مناسيب عليا أي كأنك رفعت خزان مياه في أعلى منزلك تستفيد منه علاوة على ما يوفره من طاقة ويجعل في الحدود مدناً وأسواق كبرى بدلاً عن قرى لاقيمة لأسواقها ويشجع على الاستثمار في مناطق عانت من النسيان.
أما بالنسبة لمصر، ففي اعتقادي أن قضية السد عبارة عن عمل سياسي لأنها تستولي على الجزء الأكبر من مياه النيل وتنظر لمصالحها لذلك تلجأ الى إثارة قضايا تاريخية. كما أن الإعلام المصري بكل مستوياته يغرق في الإساءة للسودان بصورة فجه وألفاظ لا تحكمها دبلوماسية لذلك لم تفلح في كسب ود او الإبقاء على صداقة، ودونك القنوات المصرية ستسمع ما لم يقله مالك في الخمر عن السودان وتخوينه . بينما تستفيد مصر من مياه حوض النوبة الجاف الذي تترسب في جوفه مياه عظيمة تقدر بأكثر من عشرة مليارات متر مكعب .
فمهما بنيت سدود لن تؤثر على النيل الذي يجري من ملايين السنين ولكن ادعاء أن مصر لها حقوق تاريخية أمر عفى عنه الزمن ولنا ولدول حوض النيل وذلك بحكم قاعدة حق الانتفاع ولن توقف يوغندا او إثيوبيا النيل لأنهم لن يحبسوه وليس في إمكانهم ذلك لأن النيل ينبع في مناسيب عالية.
بشير أحمد محيي الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتفاقية لتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور

وقّعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليوم بمقرها بالخرطوم اتفاقية تعاون مع برنامج الغذاء العالمي WFP التابع لمنظمة الأمم المتحدة لتعز...