الاثنين، 22 أغسطس 2016

القطاع الخاص قدَّم مبادرة لكسر صعوده الدولار.. محاولة لرتق الفتق المتسع



وسط توقعات خبراء الاقتصاد في البلاد بأن يحقق سعر الدولار 20 جنيهاً خلال الفترة المقبلة في اتساع نطاق التعامل خارج الجهاز المصرفي أعلن القطاع الخاص عن خطة وصفها بـ"العاجلة"، قصيرة ومتوسطة الأجل، لتسهم في السيطرة على ارتفاع الدولار بصورة جادة وتسهم في معالجة المشكلة الحقيقية لمعاناة الاقتصاد والمواطن والمتمثلة في اختلال الميزان التجاري.. الخطة ترتكز على زيادة الإنتاج من أجل الصادر بدعم من الدولة في السياسات عامة والسياسة التمويلية والنقدية وتوفير الضمانات، تهدف المبادرة إلى تقريب الشقة بين السعر الرسمي والموازي في ظل اضمحلال الصادرات بسبب ضعف الأداء في القطاعين الصناعي والزراعي في السودان وتضاؤل تحويلات العاملين من الخارج وبحث المستوردين عن تحقيق هامش ربح أكبر بسبب أزمة الدولار...
هاجس كبير
أمين السياسات باتحاد أصحاب العمل السوداني سمير أحمد قاسم قال لـ(الصيحة) إنه يرى أن المبادرة وحدها لا تكفي لأنها عبارة عن وضع سياسات إلا أن المهم في السياسات التنفيذ، وربط تنفيذ المبادرة بالإرادة السياسية وتنفيذ البرنامج الخماسي، معلناً عن اجتماع يُعقد ظهر اليوم الاثنين مع النائب الأول لرئيس الجمهورية بمجلس الوزراء لمناقشة المسودة وخارطة الطريق للسياسات والاجراءات المطلوبة للنموء الاقتصادي عبر القطاع الخاص، مشدداً على أهمية إنعاش البرنامج الخماسي بهدف إنقاذ الاقتصاد السوداني ووضع الأسس للإنتاج خاصة الزراعة والصناعات التحويلة، داعياً إلى أن يكون إنشاء المشاريع الاستثمارية بغرض الإنتاج والتصدير، مبيناً أن تدهور سعر الصرف مقابل العملات الأجنبية بات هاجساً كبيراً جداً بالنسبة للقطاعات الإنتاجية إضافة إلى المواطن الذي يكتوي بنيران انخفاض قيمة العملة الوطنية، مشيراً إلى أن سعر الدولار وصل حالياً إلى (16) جنيهاً في تعاملات السوق الموازي، وأقر بوجود تدهور في العملة جعل المواطنين يحتفظون برؤوس أموالهم بتحويلها إلى دولار باعتباره مرتفعاً ويخلو من الجمارك والضرائب.
تحذير وأسباب
سمير أحمد قاسم حذَّر من أن يكون الدولار سلعة وليس وسيلة لدعم الاقتصاد، منوهاً إلى أن المستثمر الأجنبي يطالب بالاستقرار في العملة الوطنية للمحافظة على حقوقه لجني الأرباح وتحويلها عبر القنوات الرسمية، واعتبر أن ضعف الإنتاج والصادرات، فضلاً عن الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انخفاض سعر الجنيه في ظل وجود ميزانية مقدرة تذهب إلى الجيش وجهات أخرى، وقال إن الحل يكمن في وضع سياسات داعمة للاقتصاد والإنتاج، ورهن تحسين الوضع الاقتصادي في الوقت الحالي بوقف الحرب أولاً، لافتاً إلى أن الدولة تدعو إلى وقف الحرب عبر الحوار الوطني والحوار المجتمعي، داعياً إلى معالجة الترهل في الدولة في ظل الظروف الاستثنائية، مبيناً أن الإصلاح يجب أن يكون إصلاحاً شاملاً في جميع الجوانب، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، مشدداً على ضرورة وضع سياسات اقتصادية جاذبة وإزالة جميع الجبايات المختلفة ووضع قانون مرن للاستثمار وتعيين أشخاص أكفاء لتنفيذ السياسيات، فضلاً عن توفر الإرادة السياسية القوية لدعم الاقتصاد.
اختلال وعدم ثقة
ويرى قاسم في حديثه لـ(الصيحة) أن ثبات واستقرار السياسات من شأنه إحداث أثر كبير في جذب الثقة، مبيناً أن عدم الثبات وتغيير السياسات يُفقد المغتربين الثقة، الأمر الذي جعلهم يحوِّلون مدخراتهم وعوائدهم عبر السوق الموازي، مشيراً إلى أن صادرات البلاد في العام الماضي بلغت 3 مليارات و200 مليون دولار مقابل واردات بلغت 9 مليارات دولار مما يعني وجود عجز في الميزان الخارجي يعادل 6 مليارات دولار مما أحدث خللاً كبيراً في الاقتصاد وفي أسعار العملة، ونادى بمعالجة دخل الفرد وتحسين سبل المعيشة وخفض التكاليف وخلق فرص للعمالة وخفض معدلات البطالة وإيجاد فرص جديدة للنشاط الاقتصادي وتقليل آثار الحصار الاقتصادي، وطالب بأهمية تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية مع أمريكا الذي قال إنه سيؤدي تلقائياً إلى تحسين العلاقات مع الدول الغربية والعربية، جازماً بأن التعامل مع المصارف الأجنبية أصبح من الصعوبة بمكان بل يكاد يكون شبه معدوم بسبب العقوبات، واصفاً العون الخارجي بأنه معالجات وقتية وأن التوسع في إنتاج المعادن والصادرات غير البترولية.
اتفاق وخطة
ويتفق خبراء اقتصاديون على أن العلاج الحقيقي لسعر الصرف يكمن في وضع خطة استراتيجية لزيادة الإنتاج وتصدير المنتجات الزراعية بقيمة مضافة وليس خاماً وترويجها وإزالة جميع معوقات الصادر. وأضافوا أن الحديث خلاف ذلك يكون حديثاً نفسياً فقط، وفي الوقت ذاته توقعوا معاودة أسعار العملات الأجنبية للصعود في حال لم تزُل الأسباب الأساسية، خاصة بعد انتهاء المعالجات الوقتية.
ولعل هذا ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي دكتور عبد الله الرمادي عبر إفادته لـ(الصيحة) حيث أشار إلى أن القطاع الخاص يحاول بذل جهد لتلافي الانهيار السريع في الاقتصاد السوداني والمتمثل في التدهور غير المسبوق في تاريخ السودان في قيمة العملة الوطنية، مبيناً أن قيمة العملة تمثل انعكاساً لقوة أو ضعف الاقتصاد والذي بدوره يمثل رمزاً لسيادة الوطن، داعياً لأن لا تقف المبادرة عند حسن النوايا لجهة أن القطاع الخاص لو كان بمقدوره القيام بأي عمل ملموس لتلافي الانهيار فلماذا لم يبادروا قبل هذا والتدهور ماثل أمام الجميع منذ سنوات، قاطعاً بعدم حل المشكلات الاقتصادية الحالية المتمثلة في الانهيار السريع لقيمة العملة الوطنية عبر الحديث عن تحريك إمكانات الاقتصاد بإقامة مشروعات إنتاجية جيدة لجهة أن ذلك يحتاج إلى بضع سنوات حتى يكون أثره مملموساً إذا حدث.
إدخال المدخرات
الرمادي يرى أن المخرج الوحيد الذي يمكن أن يساعد على تلافي الانهيار السريع للاقتصاد هو أن تقتنع كافة الفئات وعلى رأسهم أصحاب العمل إضافة إلى المغتربين بإدخال مدخراتهم التي خارج البلاد لتدعم العملة الوطنية وجلب استثماراتهم الخارجية لتلعب نفس الدور، أما إقامة مشروعات وزيادة إنتاج يدعم حصيلة الصادر فإن ذلك سوف يفيد بلا شك ولكن في المدى المتوسط. وحذر من أن يكون وقتها قد اتسع الفتق على الراتق!.
مروة كمال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتفاقية لتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور

وقّعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية اليوم بمقرها بالخرطوم اتفاقية تعاون مع برنامج الغذاء العالمي WFP التابع لمنظمة الأمم المتحدة لتعز...